التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قصة عجيبة في الاخلاص لله جل وعلا

قصة عجيبة في الإخلاص لله جلّ وعلاߒ把ߔقال ابن المبارك رحمه الله : قدمت مكة فإذا الناس قد قحطوا من المطر وهم يستسقون في المسجد الحرام ، وكنت في الناس مما يلي باب بني شيبة ، إذ أقبل غلام أسود عليه قطعتا خيش ، قد ائتزر بإحداهما و، وألقى الأخرى على عاتقه ، فصار في موضع خَفِيٍّ إلى جانبي ، فسمعته ▪ يقول: إلهي أَخْلَقَتِ الوجوهَ كثرةُ الذنوبِ ومساوىءُ الأعمال ِ، وقد منعَْتنا غيثَ السماء لتؤدّب الخليقة بذلك ، فأسألك يا حليمًا ذا أناة ، يا من لا يعرف عبادُه منه إلا الجميل ، اسقهم الساعة الساعة . ▫ قال ابن المبارك : فلم يزل يقول الساعة الساعة حتى استوت بالغمام ، وأقبل المطر من كل مكان ، وجلس مكانه يُسبّح ، وأخذت أبكي ، فلما قام تبعته حتى عرفت موضعه .فجئت إلى فضيل بن عياض ▪فقال لي : مالي أراك كئيبًا؟ ▫فقلت: سبَقنا إلى الله غيرنا فتولاه دوننا ! ▪قال: وما ذاك ؟ فقصصت عليه القصة فصاح وسقط. ▪وقال: ويحك يا ابن المبارك خذني إليه . ▫قلت: قد ضاق الوقت وسأبحث عن شأنه فلما كان من الغد صليت الغداة وخرجت إلى الموضع فإذا شيخ على الباب قد بُسط له وهو جالس ، فلما رآني عرفني . ▪وقال: مرحبًا بك يا أبا عبد الرحمن، حاجتك. فقلت له: احتجت إلى غلام أسود . ▪فقال: نعم عندي عدة فاختر أيهم شئت؟ فصاح يا غلام ، فخرج غلام جلد . ▪فقال : هذا محمود العاقبة أرضاه لك . ▫فقلت: ليس هذا حاجتي فما زال يُخرِج إليَّ واحدًا واحدًا حتى أَخرَجَ إليَّ الغلام ، فلما أبصرت به بدرت عيناي . ▪فقال : هذا هو؟ ▫قلت : نعم . ▪فقال ليس إلى بيعه سبيل . ▫قلت: ولِمَ؟ ▪قال: قد تبرّكت لموضعه في هذه الدار وذاك أنه لا يزرؤني شيئًا . ▫قلت: ومن أين طعامه؟ ▪قال: يكسب من قبل الشريط نصف دانق أو أقل أو أكثر فهو قوته ، فإن باعه في يومه وإلا طوى ذلك اليوم. وأخبرني الغلمان عنه أنه لا ينام هذا الليل الطويل ، ولا يختلط بأحد منهم مشغول بنفسه، وقد أحبه قلبي . ▫فقلت له : أنصرفُ إلى سفيان الثوري ، وإلى فضيل بن عياض بغير قضاء حاجة؟ ▪فقال: إن ممشاك عندي كبير خُذه بما شئت. ▪قال: فاشتريته وأخذت نحو دار فضيل، فمشيت ساعة . ▪فقال لي: يا مولاي ؟ ▫قلت: لبيك ▪قال: لا تقل لي لبيك فإن العبد أولى أن يلبي المولى ! ▫قلت: حاجتك يا حبيبي ؟ ▪قال: أنا ضعيف البدن لا أطيق الخدمة وقد كان لك في غيري سعة ، قد أخرج إليك من هو أجلد مني . ▫فقلت : لا يراني الله وأنا أستخدمك ، ولكني أشتري لك منزلاً وأزوجك وأخدمك أنا بنفسي ! ▪قال: فبكى . ▫فقلت: ما يبكيك؟ ▪قال: أنت لم تفعل فيَّ هذا إلا وقد رأيت بعض متصلاتي بالله تعالى وإلا فِلمَ اخترتني من بين الغلمان؟ ▫فقلت له : ليس بك حاجة إلى هذا ! ▪فقال لي : سألتك بالله إلا أخبرتني ، ▫فقلت: بإجابة دعوتك . ▪فقال لي : إني أحسبك إن شاء الله رجلاً صالحًا ، إن لله - عزَّ وجلَّ - خيرة من خلقه لا يكشف شأنهم إلا لمن أحب من عباده ولا يظهر عليهم إلا من ارتضى . ▪ثم قال لي : ترى أن تقف علي قليلا ً، فإنه قد بقيت علي ركعات من البارحة. ▫قلت: هذا منزل فضيل قريب. ▪قال: لا. ها هنا أحب إليَّ أمر الله - عزَّ وجلَّ - لا يؤخر فدخل من باب الباحة إلى المسجد فما زال يصلي حتى إذا أتى على ما أراد التفت إليّ . ▫فقال : يا أبا عبد الرحمن،هل من حاجة؟ ▫قلت: ولِمَ ؟ ▪قال: لأني أريد الانصراف ! ▫قلت: إلى أين؟ ▪قال: إلى الآخرة !! ▫قلت: لا تفعل، دعني أُسَرُّ بك . ▪فقال لي : إنما كانت تطيب الحياة ، حيث كانت المعاملة بيني وبينه تعالى فأما إذا اطلعت عليها أنت فسيطلع عليها غيرك فلا حاجة لي في ذلك ، ثم خرَّ لوجهه . ▪فجعل يقول : إلهي اقبضني إليك الساعة الساعة . ߑșXوت منه فإذا هو قد مات. فوالله ما ذكرته قط إلا طال حزني وصغرت الدنيا في عيني.

تعليقات